يعتبر الاقتصاد الاجتماعي والتضامني من الدعائم الأساسية التي يراهن عليها المغرب للنهوض بالأوضاع الاقتصادية  للفئات الاجتماعية ذات الدخل المحدود، نظرا  لما له من إمكانيات ستساهم لا محالة في  تعزيز التنمية الاقتصادية المنشودة ومحاربة الإقصاء الاجتماعي عبر التوظيف الأمثل للثروات المادية والغير المادية التي يخلقها، بهدف جعل هذا القطاع الهام من الأولويات في البرامج والاستراتيجيات القطاعية لكل الفاعلين الاقتصاديين في هذا المجال وضمان تكريس تنمية مستدامة  قوامها اقتصاد اجتماعي وتضامني  يرتكز بالأساس على العنصر البشري والمؤهلات التي تتوفر عليها بلادنا.

وفي هذا الإطار، وجب التأكيد على أن قطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني مجال خصب يتوفر على وسائل وإمكانات هائلة ستجعل منه قاطرة للتنمية الحقيقية في أبعادها المختلفة، من خلال تعبئة الموارد وتوحيد الجهود والإنكباب على استثمار كل الطاقات الممكنة بغية إحداث مشاريع مدرة للدخل  للمساهمة في  الرفع من معدل النمو الاقتصادي وخلق مناصب شغل لمكافحة الهشاشة والحيف الاجتماعي والحفاظ على تماسك المجتمع وتوازنه.

وعلى نفس النهج يعتبر قطاع التعاونيات بالمفهوم المتعارف عليه عالميا المكون الأساسي المجسد للاقتصاد الاجتماعي والإطار الأنسب والأكثر مرونة في الاستجابة لمتطلبات وحاجيات سوق الشغل الأمر الذي جعله يضطلع بدور حيوي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وفي هذا الصدد لقد عرف النسيج التعاوني خلال السنوات الأخيرة طفرة نوعية على مستوى القطاعات الإنتاجية بفضل المجهودات التي بدلت في هذا الباب؛ ولعل أهمها ما شهده قطاع الصناعة التقليدية بشكل عام وجهة فاس – مكناس على الخصوص، والتي يعتبر الاقتصاد الاجتماعي والتضامني أحد أبز مكوناتها، بحيث لعب دورا مهما في النسيج المجتمعي من خلال إتاحة الفرص للفئات الاجتماعية من أجل تطوير قدراتها والرفع من مستوى عيشهم وتحسين أوضاعهم عبر الدعم المباشر للمشاريع المدرة للدخل في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والتي كانت لها الوقع الإيجابي من حيث خلق فرص الشغل ومحاربة الفقر والتخفيض من معدل البطالة في صفوف الشباب، وتعزز هذا الوضع أكثر بالمواكبة والمتابعة التي تقوم بها المصالح والهيئات المتدخلة في هذا القطاع من خلال تهييئ المناخ الملائم للقطاع التعاوني للاشتغال في ظروف حسنة من خلال التجهيزات والبنيات التحتية التي تتوفر عليها بوضعها رهن إشارتهم .

ونظرا لما تلعبه الجمعيات والتعاونيات من دور في تنظيم الطاقات الانتاجية للمجتمع وإدارة أنشطتها الاقتصادية لفتح آفاق جديدة لها والمساهمة في خلق فرص عمل، يعد القطاع التعاوني خيارا استراتيجيا باعتباره قطاع واعد ومجال ديناميكي يلعب دورا جد هام في اقتصاد الجهة خاصة في الحرف المرتبطة بالمجالات التي ذاع صيتها ببعض مناطق الجهة كالمصنوعات النباتية، تقطير الأعشاب، صناعة الزرابي، الخياطة التقليدية، الطرز، الأعمال اليدوية، الدرازة، الفخار، فن الديكور، الصباغة، الطبخ والحلويات، الدرازة النسيج والجلد والمعادن والنجارة والخشب ...الخ. وقد تعزز هذا الوضع ببرمجة مشاريع مهيكلة من شأنها النهوض بهذا القطاع.

وقد هدفت هذه التظاهرة إلى الرفع من تمثيلية التعاونيات والجمعيات والتعريف بمنتوجاتهم وتثمينها ودعم وتقوية القدرات الانتاجية والتسويقية للفاعلين وخلق فضاء لتبادل الخبرات والتجارب ومناقشة قضايا القطاع من خلال تنظيم ندوات ومحاضرات بهدف تشخيص واقع القطاع بالجهة وخلق نقاش عمومي في أفق إدماج قطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني ضمن مخططات التنمية الجهوية لجهة فاس - مكناس.

وقد عرفت جهة فاس – مكناس العديد من المبادرات التي تهدف إلى  تعزيز دور الاقتصاد الاجتماعي والتضامني كرافعة للتنمية بالجهة  ويظهر ذلك جليا بالانخراط  الفعلي والمواكبة المستمرة التي يقوم بها كافة الفاعلين والشركاء من أجل دعم التشغيل الذاتي وتشجيع ترويج المنتوج وخلق التنافسية من خلال التظاهرات والمعارض سواء الوطنية والجهوية والإقليمية والمحلية، وخير مثال على ذلك المعرض الجهوي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني تحت شعار "الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في خدمة التنمية المستدامة بجهة فاس – مكناس" الذي احتضن المناظرة الجهوية الأولى حول الاقتصاد الاجتماعي والتضامني.

 

غرفة الصناعة التقليدية لجهة فاس مكناس©