تأطير الاستاذ محمد اللبار
في إطار هده المحاضرة أكد الاستاد محمد اللبار في سياق مقاربته العامة لموضوع الصنائع والحرف في المغرب بصفة عامة وتركيزه على نشاطها الأساسي ودورها المتميز في مجتمع العصر الوسيط الإسلامي بالدرجة الأولى واقتصادياته، فحري بنا أن تُوجه الأبحاث والدراسات بخصوص هذه الصناعات العتيقة للمزيد من النبش والتنقيب في العهود الغابرة السابقة عن العصور الإسلامية.
وأكد بالمناسبة على أهمية هذه الصناعات اليدوية باعتبارها أهم ثروات المغرب وأقوى روافد اقتصاده من جهة، وهي من جهة أخرى أغنى رصيد حضاري وثقافي توارثته أجيال المغاربة منذ سالف العصور عبر تلاقح حضاري ضمن إبداع مغربي أمازيغي مُحمّل مع توالي الفترات التاريخية بما ساهمت به أساسا الروافد الفينيقية والقرطاجية والرومانية.
بعيدا عن الجانب التاريخي لهده الصنائع يعتبر المغرب من أشهر الدول المتوسطية المعروفة بالصناعات التقليدية الطينية والنسيجية والجلدية والمعدنية والخشبية وغيرها على حد سواء، وذلك اعتمادا على عدة دلائل تاريخية مصدرية مدونة والعديد من المعالم التاريخية القائمة وغيرها من القرائن وما إلى ذلك من رصيد ثقافي بنوعيه المادي والغير مادي، لمختلف المدن العتيقةبالمغرب أسهمت في الحفاظ على هذه الصناعات التقليدية.فمدينة فاس قد حافظت لوحدها على كل ما تفرق في غيرها من الصنائع والحرف والفنون والأصالة والإبداع والمهارات. ويكفي أن نعرف أنها لوحدها نشطت فيها أزيد من مائة وخمسين حنطة في العهد المريني وهذا العدد من الحنطات في حد ذاته يفيد بتنوع غني يطال حوالي 400-450 تخصص حرفي دقيق.
في هدا الإطار فقد تعززت هده الصنائع من خلال العناية الفائقة التي أولاها المغفور له جلالة الملك محمد الخامس مباشرة بعد إعلان الاستقلال بهذه الصناعة ورجالاتها.
* قيمة الصناعات التقليدية قاطبة
* قيمة الصناعات الطينية وما يتفرع عنها من الإبداعات الفنية الفخار والخزف/ البديع والزليج،
* قيمة مختلف الخصائص المعمارية التي تُميز هذه المدينة ومعالمها التاريخية وخاصة منها المساجد والمدارس والمآذن والسقايات وغيرها كثير، سنعود إلى بعضها أثناء الحديث عن الزليج،
و بناء على هذه القيم أدرجت اليونسكو مدينة فاس منذ سنة 1981 ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي وأصدرت نداء عالميا لإنقاذها.
وبالرجوع إلى عنوان هذه المداخلة (من تراث المغرب، صنائع الفخار والزليج) يؤكد الاستاد الباحث أنه يجد نفسه مضطرا إلى تفصيل الحديث بين هذين الفنين من فنون الصناعة التقليدية الفخار والزليج:
صناعة الفخار: لقد أجمع الباحثون أن صناعة الفخار واحدة من أقدم الصناعات التي تعاطتها مختلف شعوب البشرية في مشارق الأرض ومغاربها منذ فجر التاريخ، إن لم نقل أقدمها على الإطلاق.ولكن كل شعب صاغها بعبقريته حسب ما توفر في أرضه من نوعية الطين وحسب شخصيته وأصالته( ومن الشعوب التي أتقنت بعضا من صناعة الفخار وما صاحبها من التطور نذكر بالخصوص شعوب الشرق الأقصى، اليابان وكوريا والصين؛ وشعوب الشرق الأدنى، العراق وسوريا ومصر الفرعونية؛ والإغريق والرومان…وشمال إفريقيا…). وقد مال إليها الإنسان أول الأمر فقط لصنع ما كان في حاجة إليه في حياته اليومية من الأدوات الضرورية والنفعية وخاصة في مطبخه من الأواني بطريقة بسيطة جدا عملت الأجيال المتعاقبة على تطويرها والإبداع فيها. يعتمد العديد من المؤرخين والأنتروبولوجيين على الفخار لضبط الأزمنة وللوقوف على بعض من عادات وتقاليد الشعوب والأمم.
تعتمد هذه الصناعة أساسا على الطين/الصلصال الخالص أو دون ذلك بإضافة بعض المواد الطبيعية أو الكيماوية كالرمل والكلس ومركبات الحديد والنحاس وأملاح متنوعة، كل منتوج فخاري يمر بسلسلة من أربعة مراحل على الأقل : أولها تهييئ مادة الطين، مرحلة التشكيل اليدوي أو التشكيل على الدولاب( تشكيل المنتوج)، ثم مرحلة التجفيف بتعريض هذا المنتوج لأشعة الشمس، ثم مرحلة الشي في الأفران( هذه الفران التي كانت في الماضي وإلى عهد قريب تعتمد على الحطب، والتي أصبحت اليومجد متنوعة وتعتمد على الكهرباء في العديد من المعامل).
صناعة الخزف: تعتمد هذه الصناعة أساسا على الطين/الصلصال الخالص أو دون ذلك بإضافة بعض المواد الطبيعية أو الكيماوية كالرمل والكلس ومركبات الحديد والنحاس وأملاح متنوعة. كل منتوج فخاري يمر بسلسلة من ثلاثة مراحل على الأقل : أولها مرحلة التشكيل اليدوي أو التشكيل على الدولاب( تشكيل المنتوج)، ثم مرحلة التجفيف بتعريض هذا المنتوج لأشعة الشمس، ثم مرحلة الشي في الأفران( هذه الفران التي كانت في الماضي وإلى عهد قريب تعتمد على الحطب، والتي أصبحت اليوم جد متنوعة وتعتمد على الكهرباء في العديد من المعامل).
صناعة الزليج:عبارة عن قطع من تراب مطبوخ في الأفران، بعضها يبقى على حاله دون صباغة وبعضها يتخذ ألوانا زاهية متعددة. يقوم الزلايجيون بتقطيعها أشكالا دقيقة وأحجاما هندسية متنوعة، ويسهر الفراشون على توظيفها في فرش الأرضيات وأسفل الحيطان والأعمدة بطرق إبداعية تسفر عن لوحات متعددة فنية ذات ألوان متناسقة ضبط الحرفيون أسماءها وطرق تركيبها بمهارة فائقة.