ملامح من روائع المشغولات المعدنية بالمغرب الأقصى
أوضح الدكتور منتصر الوكيلي أن علماء اللغة يعرفون مادة المعدن بمكان كل شيء فيه أصله ومركزه ، وموضع استخراج الجوهر من ذهب ونحوه ، حيث قال البهوتي : هو كل ما تولد في الأرض من غير جنسها وليس نباتا، المعدِن هو مركب صلب، يتكون طبيعياً من خلال عمليات جيولوجية، ولا تعود الكلمة على المركب الكيميائي فقط، ولكن على البناء المعدني أيضاً.
وأضاف الدكتور منتصر الوكيلي خلال بمحاضرته بالمعرض الوطني للمعادن بفاس يوم الخميس 7 مارس 2019 أنه تتغاير المعادن في التركيب من عناصر نقية، وأملاح بسيطة، إلى سليكات غاية في التعقيد بآلاف التكوينات. والعلم الذي يدرس المعادن يسمي علم المعادن، وقد صنف كارولوس لينيوس (1707–1778) المعادن على أنها مملكة في العالم الطبيعي بالإضافة إلى الحيوانات، النباتات، مبرزا أن المعادن هي مواد صلبة متجانسة غير عضوية، تحدث طبيعياً، ولها بناء بلوري محدد وتركيب كيميائي معين.
محاضرة الدكتور منتصر الوكيلي
وأكد المحاضر أنه في عام 1995 وضعت منظمة المعادن العالمية تعريفاً آخر يقول أن "المعدن هو عبارة عن عنصر أو مركب كيميائي كريستالي بطبيعته متكون كناتج عمليات جيولوجية".
وبخصوص معدن النحاس ذكر الدكتور الوكيلي أنه كان يسبك خلال عهـد السعديين في قوالب ويصدر إلى الخارج، وقـد حصل ملك فرنسـا هنري (ملك فرنسا من 1574م إلى 1589م) على الإذن باستخراج أربعين قنطار منه عام 987هـ/1579م ، مشيرا أن معدن النحاس يوجد بجبل صغرو وأمزميز، كمـا يوجد منجم بأكوجكـال وآخـر في منجم تازالاغت قرب وجدة وفي ثلاث نوس وبوسكورة.
وقال المحاضر أن بعض المصادرتتحدث عن مدينة في أكـادير هدمها الأشراف عـام 1517م واسمها ”تول“، وذكـر Dicgo de Torrès) أنها كانت قديما كثيرة السكان والخيرات، ومـن ذلك معـدن النحاس، مبرزا أنه كانت منطقة تسمى (إيجلي) قاعدة السوس تعالج النحـاس المسبـوك بالإضافة إلى صنع السكر، وبلغ عـدد تسكيك النحاس والحديد قبل ذلك بفاس أيـام المنصور والناصر الموحدين اثنى عشر مصنعا حسب ما جاء في كتاب (زهرة الآس).
واستشهد الدكتور الوكيلي بالحسن بن محمد الوزان الذي تطرق في كتابه (وصف إفريقيا) إلى الأسلحـة والسكاكين والسيـوف التي كانت فاس تجلـب حديدها من مناجم بني سعيد المجاوزة أو الأعوان أو الجنوب، كما كان النحاس يجلب لصنع الأواني، وفي القرن العاشر كانت ناحية سبتة تصنع أوانـي النحاس المنحوتة والمرصعـة وتصدرها إلى إيطاليا، وأوضح أن في سوس أيضـا كان يصاغ الذهب والفضة، قامت البرتغال بمنافسة المصانـع الوطنية لا سيما بعد احتلال أكادير (حررها السعديون في القرن العاشر الميلادي)حيث كانت الصنائع تؤدي القبالات وهي ضرائب على المبيعات كما كانت فاس تعتبر عاصمـة الصناعة التقليدية منذ العصور الأولى: حيث وصف الحسن الوزان مصانع سك النقود بالضفة اليمنى لوادي فاس، وتكون رجـال الحرف بفاس من إثنيات مختلفة فأبناء تاغزوت مثلا برعوا في صناعة السلاح ويطلق عليهم اسم الزنايديـة.
واعتبر المحاضر أن الكثير مـن الحرف والصنائع قـد ازدهرت بفضل تأثير الصناع الأندلسيين الذين برعوا في مختلف مظاهر الصناعة والعلوم والفنون.